يصادف اليوم ذكرى رحيل أحد رموز الكوميديا اللبنانية، الفنان محمود مبسوط "٢٥ تموز ٢٠١١" الذي أحبّه الجمهور بشخصية “فهمان” ضمن فرقة أبو سليم الشهيرة، وأمتعنا لسنوات طويلة بأداء عفوي صادق، يجمع بين البساطة والذكاء الكوميدي.
شارك مبسوط في العديد من الأعمال التلفزيونية والمسرحية والسينمائية، إلى جانب كبار النجوم اللبنانيين، وكان حضوره لافتًا بأدواره المتنوعة، خصوصاً في تجسيد شخصية المحتال أو النصّاب بأسلوب جعل الجمهور يصدّق الشخصية ويحبّها في آن.
في لقاء جمعني به ذات يوم، تحدّثنا مطولاً عن واقع الفن اللبناني، وعن حاجتنا إلى أعمال جديدة نوعية تحترم عقل المشاهد. كان يؤمن أن الإقناع في التمثيل هو أساس النجاح. وشارك معي موقفًا طريفًا ومعبّرًا حين ذهب لاستئجار منزل، فرفضت صاحبة الشقة أن تؤجره بالشهر، وأصرت على دفع السنة كاملة مسبقاً، مبرّرة ذلك بقولها: “أنت فهمان، ومحتال، ويمكن ما تدفع!”، رغم أنه حاول أن يوضح لها أن تلك الشخصية مجرّد تمثيل.
هذا الموقف يكشف مدى إقناع الجيل القديم في أدائهم، حيث كان التمثيل يُقدّم بصدق لدرجة تختلط فيها حدود الشخصية مع الممثل نفسه. وهو ما نفتقده اليوم في أعمال كثيرة يغيب عنها الحسّ الطبيعي، وتحضر فيها السطحية والتصنّع، مع غياب النصوص الجيدة، وقلة المواهب الحقيقية، خاصة في مجال الكوميديا.
رحيل محمود مبسوط ترك فراغاً في قلوب محبيه وعلى الساحة الفنية، ولا يزال أثره حاضرًا في ذاكرة كل من ضحك يوماً على عفوية “فهمان”.
رحمه الله وأسكنه فسيح جناته.

فؤاد كيالي -كاتب ومخرج اذاعي