Logo

النقد… بين التصويب والتجريح

News Image
مقالات

Sept. 5, 2025, 8:15 a.m.

فؤاد كيالي
فؤاد كيالي كاتب ومخرج اذاعي
المصدر: خاص

<p>كثيرون يخلطون بين النقد والتجريح، فيستخدمون أوصافًا جارحة وعبارات سوقية بحق شخصيات سياسية أو فنية، معتقدين أن ذلك يدخل في خانة النقد، بينما هو في الحقيقة أبعد ما يكون عن جوهره. فالتجريح لا يُنتج إلا التشويه والإساءة، ولا يخدم القارئ أو المتابع، بل يحوّل الكلمة إلى أداة هدم وإسقاط.<br /> النقد الحقيقي، على العكس تمامًا، هو فعل مسؤول يقوم على قراءة واعية وموضوعية. الناقد الجاد لا يكتفي برصد الأخطاء، بل يسعى إلى تشخيص أسباب الخلل، ويكشف مكامن الضعف في الأداء، ثم يطرح رؤية أو مقترحات تُسهم في التصحيح والإصلاح. بهذا يصبح النقد أداة تطوير، ووسيلة لدفع العمل السياسي أو الفني أو الثقافي نحو الأفضل.<br /> الفرق بين الاثنين واضح وجوهري ،النقد إصلاحٌ وعقلانية، أما التجريح فهو إسقاطٌ وانفعال. النقد يستند إلى حجّة ومنهجية، فيما التجريح ينطلق من مزاجية أو خصومة شخصية. وبينما يفتح النقد باب النقاش البنّاء ويُغني الرأي العام، يغلق التجريح الأبواب ويزرع الكراهية.<br /> من هنا، تبقى مسؤولية الإعلاميين والكتّاب والجمهور معًا أن يفرّقوا بين النقد الذي يُبنى عليه، والتجريح الذي لا يقود إلا إلى التراجع. فالمجتمعات التي تُشجّع النقد البنّاء، وتضع حدًّا للتجريح الشخصي، هي المجتمعات الأقدر على التقدّم والتطوّر، لأنها تجعل من الكلمة مسؤولية، ومن الرأي سلاحًا للحق، لا خنجرًا للطعن.</p>