Sept. 6, 2025, 3:16 a.m.
<p>بداية المشوار</p> <p>لم يكن رضوان حمزة مجرّد إعلامي عابر في المشهد اللبناني، بل كان مدرسة بحد ذاته في الالتزام والجدية والعمل النقابي. منذ بداياته في إذاعة "صوت الشعب"، حمل همّ الكلمة الصادقة، وسعى إلى أن تكون الإذاعة مساحة للتعبير عن الناس ووجعهم وآمالهم.<br /> دخل عالم الإعلام من باب الإذاعة، لكنه لم يتوقف عند حدود الميكروفون. كانت برامجه مساحة حرة للنقاش والحوار، ينطلق فيها من وجع المواطن العادي، ويربط بين الخبر والواقع، بين التحليل والالتزام.</p> <p>المدير والنقيب</p> <p>تسلّم مهام مدير البرامج في إذاعة صوت الشعب، فكان حريصًا على تطوير مضمونها بما يخدم رسالتها الوطنية والاجتماعية. لم ينظر إلى البرامج كمواد ترفيهية فحسب، بل اعتبرها وسيلة تنويرية وتثقيفية، تُخاطب العقول وتحاكي القلوب.<br /> لكن دوره لم يتوقف عند الإذاعة، بل تخطّاها إلى الميدان النقابي حيث انتُخب نقيبًا للعاملين في الإعلام المرئي والمسموع والمسرحي. هناك، لمع اسمه كصوت صلب يدافع عن حقوق العاملين في هذا القطاع، في مواجهة كل أشكال التهميش والاستغلال. لم يكن نقيبًا صوريًا، بل كان بين الناس، يقود الاعتصامات، يرفع الصوت في المؤتمرات، ويكتب بياناته بلغة صادقة وحادة، تنقل وجع الإعلاميين.</p> <p>صوت لا يساوم</p> <p>كان رضوان حمزة مؤمنًا بأن الإعلام رسالة، وأن النقابة ليست منصبًا بل مسؤولية. رفض المساومة على مبادئه، وواجه بعناد كل من حاول تهميش الصوت النقابي الحر. وفي زمنٍ عزّت فيه الأصوات الجريئة، كان هو حاضرًا كمرجعية مهنية وأخلاقية.<br /> لم يترك مساحة إلا واستثمرها في الدفاع عن الحقيقة والعدالة الاجتماعية، فكان الإعلام بالنسبة له انعكاسًا لقيمه الإنسانية والوطنية. لم يعرف الحياد البارد، بل انحاز إلى الفقراء، إلى العمال، إلى الشباب الطامحين لوطن أفضل.</p> <p>إرث خالد</p> <p>في التاسع من سبتمبر، ومع مرور تسع سنوات على رحيله، لا يزال رضوان حمزة حاضرًا في وجدان كل من عرفه. يروي زملاؤه قصصه اليومية، ابتسامته التي تخفي صلابته، شغفه الدائم بالبحث عن حلول، وإيمانه الذي لا يتزعزع بقدرة الكلمة على التغيير.<br /> رحل الجسد، لكن الإرث باقٍ. إرثٌ نقابي وإعلامي يذكّرنا بأن الحرية لا تُمنح بل تُنتزع، وأن الإعلام إذا فقد رسالته فقد معناه. سيظل اسمه محفورًا كأحد الذين آمنوا بأن الإعلامي الحقيقي هو الذي يحيا من أجل قضيته، لا من أجل منصبه.<br /> إن الحديث عن رضوان حمزة هو حديث عن جيلٍ من الإعلاميين الذين جمعوا بين الكلمة والموقف، بين الميكروفون والشارع، بين الإعلام والالتزام. ومن هنا، يبقى لذكراه معنى خاص، ويظل صوته شاهدًا على زمنٍ كانت فيه الحقيقة أثمن من أي مكسب، وكان الإعلامي حارسًا للوجع الشعبي قبل أن يكون ناطقًا رسميًا باسم المؤسسات.</p>